لم يكن صباحاً بحاجة إلى إشراق أكثر من ذلك الذي أشرق به الحفل الختامي لأطفال دسكا بــ استضافة  كريمة من مــركــز المــلــك عــبـدالـعـزيـز الـتـاريـخـي  ككل عام  وذلك يوم الأربعاء 16/5/2012م والذي كان على أهبة ترحابه لاستقبال  اللحظات التي كانت تعد بالكثير من الابهار ، وحققت وعدها فيما بعد . وقد عاد الحلم ليمارس واقعيته مجدداً، عاد بعد انتهاء فقرات الحفل بأكملها وهي مزدانة بدموع الفخر والتأثر الذي بان على الأمهات والزوار بدون استثناء ..  يتساءلون عن كيفية تحقيق هؤلاء الأطفال لهذا النجاح الذي يفتقده في الأغلب  غيرهم من الأطفال الآخرين … ونحن نقول نعم لقد أنجزها أطفال دسـكا من  ذوي متلازمة داون .

وقد إزدان الحفل بفقرات منوعة مبدعة مؤثرة و هادفة والتي بدأت بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم لآية الكرسي تلتها الطالبة وجدان الغامدي وهي من زهرات الفصل التعليمي في دسكا وتبعها تقديم الأطفال للنشيد الوطني، وبعدها تم تقديم كلمة شكر وترحيب من فريق دسكا للحضور، ثم أنشودة هيك بصحى من نومي ، وبعدها تقدمت أم عبدالرحمن والدة لطفل من ذوي متلازمة داون وقصت للحاضرات عن تجربتها مع طفلها في أحضان برامج دسكا المختلفة المراحل وحثت الأخريات على التسلح بالصبر الذي اعتبرته المفتاح الذهبي وراء نجاح وتقدم طفلها . وختمت كلمتها بشكرها لدسكا على دعمها لها وعلى البرامج المميزة التي ساعدتها كثيراً مع طفلها . وقد تبع كلمة الأم فقرتين من تقديم أطفال دسكا أنشودة بابا التي صورت فضل الأب وأنشودة الجزرة التي مثلت التعاون ومن ثم اعتلت المنصة  أمين عام دسكا أ. سوزان بنت سلمان  الغانم ، وتحدثت عن سعادتها وشكرها في كلمتها التي استهلتها بــ :

اخواتي الكريمات … السلام عليكن ورحمة الله وبركاته وأسعد الله صباحكن بالمسرات  والخيرات…أرحب بكن أخواتي وأنا لسعيدة اليوم بلقائكن لنحتفل معاً بإنجازات أطفال دسكا خلال عام دراسي كامل وبتخريج دفعة من هؤلاء الأطفال، وأنا لا أقدر أن أصور لكن مدى فخري واعتزازي بما وصل إليه أغلب أطفالنا في دسكا من تأهيل واعتماد على النفس والأهم الاندماج الصحي .. الذي دعاني لأتخيل لهم مستقبلاً طيباً بإذنه تعالى .

وهذه أمانة بين يدي .. أحاول يومياً أن لا أقصر بها أبداً .. حيث أنني كنت دائماً على مدى ساعات العمل أترقب الأفضل والأصعب من هؤلاء الأطفال .. كنت متخوفة من الخذلان .. كنت أبحث لهم ليس عن حل وإنما عن حسن تصرف وعن سلاح يعينهم على إكمال المشوار بثقة .. مشوار أنا متأكدة وأنتِ أيضاً أيتها الأم متأكدة معي بأنه صعب .. وشديد عليهم .. وأنا والله أتمنى أن أكون قد وُفقت بذلك …..كما أستغل هذه اللحظة لأعبر عن شكري الخالص لكل من أعاننا خلال الأعوام السابقة……أعوامٍ عدّت وكنت أعبر شط العمل الدؤوب ولا يهيم في داخلي سوى أولئك الذين غرسوا زهراً جميلاً في طريقنا ..أولئك الذين منحونا العزم تلو العزم، لنتخطى الصعاب ونقف واثقي الخطى …..واليوم حروفي لا يسعها إلا أن تمتزج لتكوّن كلمات العرفان لمن ساندنا ولنشاطرهم الإبداع حرفا ولغة……وأنا أشكر كُل أُم تعاونت معنا وتجاوبت في سبيل تحسن أداء طفلها .. كما أزف فخري لكادر دسكا ، سواء الإداري أو التعليمي ، فهم فرداً فرداً لم يقصروا بشيء فما حققته دسكا من نجاح خلال مسيرتها هذا العام يعكس مقدار الجهود المبذولة من قبلهم … وكذا لا أنسى المتعاونين مع دسكا بإقامة العديد من الأنشطة والمهرجانات في كثير من الأماكن العامة محاولين توصيل رسالتنا لأكبر شريحة مجتمعية يعينوننا على مد جسور التعاون بين أفراد المجتمع وبين أطفال ذوي متلازمة داون … وإنها لفرصة كبيرة لي أن أطُل عليكم اليوم من خلالها لنؤكد عزمنا على المضي قدماً نحو التحديث والتطوير لخدماتنا كما أننا لن نتعب من استغلال الفرص، ونحن نعدكم بأن البرامج في دسكا يتم تحديثها وتطويرها والعمل عليها بشكل روتيني ونعدكم بأننا سنجاري طفرة التطور التي يشهدها مجتمعنا، وما نطلبه منكم كأسر لذوي متلازمة داون هو الصبر والتواصل معنا دوماً، وبإذنه تعالى سنلمُس المستقبل المًبشر معاً …. وختاماً سيداتي الأفاضل أكرر شكري لحضوركن اليوم، وأسأل الله أن  يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يوفقنا جميعا للعلم النافع والعمل الصالح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته …….

وبعد أن ختمت الأستاذة  سوزان بنت سلمان الغانم  كلمتها بدأت بتكريم راعي الحفل البنك السعودي الهولندي .  وثم وجهت  الشكر لكل من دعم الجمعية خلال الأنشطة طوال العام ، ثم بعد ذلك كرمت المتطوعات المتميزات بنشاطهن وبمجهودهن المتميز في أنشطة دسكا لعام 2011/2012م ، وبعدها قامت إحدى المتطوعات في إلقاء كلمة نيابة عنها وعن زميلاتها المتطوعات والتي تحدثت خلالها عن فضل التطوع وأهميته للمجتمع .

وقد تسلسلت بعدها الفقرات الواحدة تلو الأخرى وقد كان آخرها مشهد تمثيلي عن التعلم  ثم عرض أزياء البلدان المختلفة وفقرة على طاري الفرح وأنشودة بنت الوطن…  وكانت هذه الفقرات بأكملها من تقديم أطفال ذوي متلازمة داون الذين تدربوا في دسكا بدأب مع معلماتهم وصبرهم  عليهم . وهذا كان نتاجه كثيراً من الابهار الذي رسم علامات الاستفهام  على وجوه وألسن الزوار الذين عبروا عنه بقولهم ” من الصعب جداً أن يقدم أقران هؤلاء الأطفال ما قدموه أطفال دسكـا اليوم ” .

اختتم الحفل بمزيج من مشاعر الفرح المتضاربة مع مشاعر الحزن لوداع مجموعة من ابنائها الخريجين لهذا العام ، مع الدعاء من القلب  بأن يكملوا بعون الله المشوار الصعب الذي بداؤه في دسكا مدعومين بالثقة والفخر .